الحضارة الإسلامية
صفحة مخطوطة من القرآن في المخطوطة المتقدمة في الأندلس منذ القرن الثاني عشر
كان للأندلس دور كبير في التأثير على أوروبا والممالك المجاورة لها، وعند قيام الدولة الأموية في الاندلس كان يقصد قرطبة العديد من أبناء أوروبا لطلب العلم. وقد دام الحكم الإسلامي للأندلس قرابة 800 سنة. وفي العصر الحاضر لا تزال منطقة جنوب إسبانيا تعرف باسم الأندلس وتعتبر إحدى المقطاعات التي تشكل إسبانيا الحديثة وتحتفظ بالعديد من المباني التي يعود تاريخها إلى عهد الدولة الإسلامية في الأندلس، وتحمل اللغة الإسبانية كثيراً من الكلمات التي يعود أصلها إلى اللغة العربية.[11]
وقد قارن الطبيب الأمريكي المؤرخ فيكتور روبنسون بين الحالة الصحية وغيرها في الأندلس وفي أوروبا خلال فترة الفتح الإسلامي للأندلس فقال:” كانت أوروبا في ظلام حالك، في حين كانت قرطبة تضيئها المصابيح، وكانت أوروبا غارقة في الوحل، في حين كانت قرطبة مرصوفة الشوارع”. وإننا لنلمس فضل المسلمين وعظيم أثر مجدهم حينما نرى بأسبانيا الأراضي المهجورة التي كانت أيام المسلمين جنات تجري من تحتها الأنهار، فحينما نذكر تلك البلاد التي كانت في عصور العرب تموج بالعلم والعلماء، نشعر بالركود العام بعد الرفعة والازدهار.[12]
إن تاريخ إسبانيا في العصور الوسطى لم يعرف الانفصال الجغرافي ولا العنصري بين المسلمين والمسيحيين واليهود. ولولا تعايش هذه الطوائف الثلاث في إسبانيا، لما خرجت من دائرة التخلف والظلام الذي كانت تعيشه باقي الدول الأوربية. وكان المستعربون حلقة الاتصال بين شطري إسبانيا المسلمة والنصرانية، فتفاعلتا وتعرضتا للتأثير المتبادل.[13]
فمع الفتح الإسلامي للأندلس فتحت صفحة لالتقاء ثقافتين ثقافتين مختلفتين هما العربية الإسلامية واللاتينية المسيحية، اتصلتا وتفاعلتا فتعرضتا للتأثير المتبادل عبر عصور التعايش المشترك. والاعتقاد بوجود هذا التأثير هو الدافع الأول لأعمال الترجمة التي قامت بها شخصيات إسلامية ومسيحية وأفنى فيها كثيرمن الباحثين المشهورين قسطاً من حياتهم في تحديد حجمها وأهميتها محاولين معرفة النسب ودرجات هذا التأثير.[14]
وكان من البديهي في ظل القوانين الإسلامية السمحاء أن يتمتع الجميع بالحقوق الدينية والدنيوية التي يضمنها الإسلام لكل من ينضوي تحت لوائه. وكان من الطبيعي كذلك أن يترك هذا الاندماج بصمات بارزة في حياة السكان حتى بعد سقوط الأندلس وقيام محاكم التفتيش باضطهاد المسلمين وإرغامهم على التنصير أو التهجير. وقد لاحظ المستعرب الإسباني خوان برنيط (Juan-Vernet) في كتابه “المسلمون الإسبان” (Los Musulmanes Espaٌoles): إنه من العسير جداً أن نحدد مدى التأثير الإسلامي في الجزيرة الإيبيرية، ذلك أن الأندلس كانت دائماً هدفاً للهجرات الشرقية مما يكون له أثره فيما قبل الإسلام بكثير على أن هناك أشياء ماثلة لا يمكن الشك في أنها إسلامية، وذلك ما هو موجود في اللغة من ألفاظ وتعبيرات وعادات مثل Ojala التي هي »إن شاء الله«، ومثلها si dios quiere…
ويضيف قائلاً: إن ما نقله الإسلام إلى إسبانيا له وزنه الهام في تكوينها وإنعاشها، كما أن له تأثيراً غير مباشر في الناحية الروحية. أما في الناحية المادية، فأثره مباشر وواضح، وأن أوربا ما اكتسبت من الثقافة الإسلامية إلا عن طريق إسبانيا… وبالجملة فتأثير الإسلام بارز في العلم والفلسفة والتصوف والإلاهيات .
ويعتقد الكاتب الإسباني أميريكو كاسترو أن عادة تغسيل الموتى قد أخذت عن المسلمين، وعادة تغطية وجوه النساء كانت تمارس حتى وقت قريب في بعض مناطق “ألمرية” و”قادس”… ومن سالف العادات أيضاً كان جلوس النساء على الأرض؛ وقد سادت هذه العادة إسبانيا في القرن الثامن عشر. ويقول الأديب الإسباني الكبير سرفانطيس (Cervantes) في روايته “دون كيخوطي” أن سانشو بانثا كان يأمل أن تجلس زوجته في الكنيسة على »القطائف« و»المخدات« وهما كلمتان عربيتان. ثم إن هناك تعبيرات التأدب يتحقق معناها إذا بحثناها في ضوء التأثير الإسلامي… مثلاً أن نقول »الدار دارك« لمن يزورها لأول مرة، وعند انصراف الزائر يقال له: »لقد نزلت منزلك، ومنزلنا تحت أمرك…«. ومن الشائع أيضاً سماع »إن شاء الله« أو »بمشيئة الله«…»إلى اللقاء غداً إن شاء الله« (Hasta manaٌa, si dios quiere)، وهي جملة تجري على ألسنة الإسبان باعتبارها شيئاً طبيعياً جداً. ويبدو له أن الإسبان قد استخدموا وما زالوا كلمة »رب«، أكثر من الشعوب الرومانيقية الأخرى؛ كما أن صيغة »حفظه الله« هي صيغة ذات أصل إسلامي، بقي بعض آثارها في الأوساط الملكية وتحيات الفلاحين الأندلسيين، وما زال أهل الريف الأندلسي يقولون حتى أيامنا هذه »في سلام الله«، وهي مأخوذة عن التحية العربي »السلام عليكم«.[15]
أما أساليب طلب الصدقة التي ما زلنا نراها حتى اليوم في إسبانيا، ولا سيما في الجنوب، فمن الشائع الإشارة إلى قدسية اليوم خاصة إذا كان خميساً أو جمعة مقدساً… أما هذه الأساليب، فهي: »يا فاعل الخير، يا رب، إكراماً لوجه الله… يا محسنين…«. أما البركات واللعنات الكثيرة والمعبرة، فلابد من أن يكون لها أيضاً أصل شرقي. وقد تطول قائمة التدليلات، ومن السهل أن يسهب فيها من يشاء…
مدن وأقاليم الأندلس
طليطلة
وهي مدينة أسبانية كانت واقعة تحت الحكم الإسلامي كشان بقية المدن ولكن كان يعيبها الضعف في فترة انحلال الحكم الإسلامي هناك فقام الكاثوليك القوط بمحاصرتها ودخولها سريعا… بعد احتلال القوط لها أصبحت مدينة شاهدة على تراث ثقافى عربى كبير فجاء لها العديد من الجماعات المؤلفة من مسلمين ويهود ومسيحيين للتعلم والمعرفة وكان من بين الوافدين رجل انجليزى يدعى :دانييل مورلي والذي قال عنها انه ذاهب إلى حيث يجد أهم فلاسفة العالم وبعد جولة معرفية هناك رجع إلى إنجلترا محملا بالعديد من الكتب والمؤلفات المفاجأة ان هذا الوافد كان من اوكسفورد !![16]
مريم
إقليم في وسط اراجونة وهي الآن تحت مريماتي.
قرطبة
- مقالة مفصلة: قرطبة (إسبانيا)
اهتم الأمويون في بناء قرطبة وقد بلغ عدد مساجدها 1600 مسجداً واشتهر المسجد الجامع على الأخص في قرطبة وقال الإدريسى أنه لا نظير له في المدن الإسلامية، وبلغ عدد حماماتها 600 وفيها مائتا ألف دار وثمانون ألف قصر منها قصر دمشق شيده الأمويون حاكوا به قصورهم في بلاد الشام وقد بلغ عدد أرباض قرطبة (ضواحيها) تسعة أرباض كل ربض كالمدينة الكبيرة، ودور قرطبة ثلاثون ألف ذراع، وفي ضواحيها ثلاثة الآف قرية في كل واحدة منبر وفقيه وقد قدر بعض المؤرخين عدد سكان قرطبة في أيام أزدهارها بمليوني نسمة، وكان بالربض الشرقي من قرطبة مائة وسبعون امرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي. وقد كانت شوارعها مبلطة وترفع قماماتها وتنار شوارعها ليلاً بالمصابيح ويستضئ الناس بسروجها ثلاثة فراسخ لا ينقطع عنهم الضوء.
وفي ذلك يقول الشاعر:
- بأربع فاقت الأمصار قرطبة ***منهن قنطرة الوادي وجامعها
- هاتان ثنتان والزهراء ثالثة***والعلم أعظم شيء وهو رابعها
وقال آخر:
- وليس في غيرها بالعيش منتفع***ولا تقوم بحق الأنس صهباء
- وكيف لا يذهب الأبصار رونقها***وكل روض بها في الوشى صنعاء
- أنهارها فضة، والمسك تربتها*** والخز روضتها والدر حصباء
- وللهواء بها لطف يرق به*** من لا يرق وتبدو منه أهواء